نظرية المصطلح النقدي: المبادئ والأسس

عرفت المكتبة المغربية والعربية صدور عمل أكاديمي جديد أغنى رصيدها النقدي والمصطلحي، والحديث هنا خاص بكتاب “النقد المصطلحي المغربي الحديث (1977 – 2010م): دراسة في الإرهاصات والمفاهيم والقضايا والمناهج” (558 صفحة)، لمؤلفه الدكتور محمد برحو؛ والصادر عن منشورات دار الأمان – الرباط.

ويهدف هذا العمل النقدي إلى صياغة نظرية تفكر في “النقد المصطلحي” بوصفه مجالا معرفيا خاصا من خلال الاقتراب من مستوياته النظرية والعملية، وتمثل عميق له واستيعاب لكل تفاصيله وخلفياته النظرية وسياقاته المرجعية، ومستوياته المفاهيمية والإشكالية والمنهجية، لتقديم معادل موضوعي ومنهجي شامل لمختلف الدراسات النظرية والتطبيقية المنجزة حول المصطلح النقدي بالمغرب.

ويتكوّن المحتوى العام لهذا الكتاب من العناصر الآتية: مقدمة، ومدخل، وأربعة أبواب، وخاتمة.

تناول المدخل عدة محاور أبرزها: مفهوم النقد المصطلحي؛ وعلاقته بالمفاهيم والنظريات المجاورة (علم المصطلح – والدراسة المصطلحية – ونقد النقد)…

وقُسّم الباب الأول [النقد المصطلحي المغربي الحديث: دراسة في الإرهاصات والمرجعيات] إلى فصلين تتفرع عنهما عدة مباحث، تمّ تسليط الضوء في الفصل الأول على إرهاصات نشأة النقد المصطلحي المغربي وتكوّنه، بَحث فيه صاحبه العوامل المباشرة التي وفرت له إمكانية الظهور، والدواعي الذاتية والموضوعية التي أسهمت في إقامة كيانه وتحديد أهدافه، وأثر الدراسة المصطلحية الخاص والمتميّز في تشكّله وبروزه. أما الفصل الثاني فخص بدراسة المرجعيات والروافد، وإبراز القضايا الجوهرية والفرعية لمجموعة من العلوم والمعارف التراثية والحديثة التي تلتقي فيها مع النقد المصطلحي وتشكل جانبا من جوانبه النظرية.

وخُص الباب الثاني [النقد المصطلحي المغربي الحديث: دراسة في المفاهيم] ببحث لغة النقد المصطلحي والتدقيق فيها لكشف التصورات النظرية والجوانب المنهجية والعلمية وتحديدها، انطلاقا من تمظهرها على مستوى المفاهيم الإجرائية، واستقراء جزئياتها وقراءتها من وجهة نظر كلية، سواء منها تلك الموظفة بشكل مُعلن أو تلك الموظفة بشكل مضمر. وقد تم التركيز فيه على بعض المفاهيم الجوهرية التي هي عماد هذه النظرية؛ ومن أهمها المفاهيم الثمانية التي شكلت فصول هذا الباب وهي: الدراسة المعجمية، والدراسة النصية، والسياق، والتراتبية الاصطلاحية، والتطور المصطلحي، وأصول المصطلح النقدي ومرجعياته، والتواصل المصطلحي، والتداخل المصطلحي.

وشَكل الباب الثالث [النقد المصطلحي المغربي الحديث: دراسة في القضايا والإشكالات] المجالَ المختار لدراسة القضايا المركزية للنقد المصطلحي وتدقيق النظر في تمفصلاتها الكبرى والصغرى. عالج فيه مؤلِّفه الإشكالات الجوهرية وطبيعة التصورات الافتراضية الضابطة لها في سياقها ضمن القضايا. وقُسّم إلى ثمانية فصول، اشتمل كل واحد منها على مباحث ومطالب، تم الوقوف فيها على القضايا الآتية: التعدد الاصطلاحي، ووضع المصطلح النقدي وتسميته، والتعدد الدلالي، والتضخم المصطلحي، والتعريف المصطلحي، والمصطلح التراثي، وترجمة المصطلح النقدي، وقراءة في ثنائية المصطلح والنقد.

واحتاج مؤلِّفه – انسجاما مع طبيعة التنظير- إلى استكمال إجراءات البحث ببعض المستفادات، تمّ الانطلاق فيها من إشارات عابرة دقيقة للتعليق والتفسير والتحليل.

وتمّ الوقوف في الباب الرابع [النقد المصطلحي المغربي الحديث :دراسة في المناهج] على أهم مناهج دراسة المصطلح النقدي التي فرضت نفسها على الساحة النقدية المصطلحية، والبحث عن منطلقاتها بالنظر إلى علاقتها بالموقع الفكري الذي تبناه كل دارس. بحث فيه صاحبه أبرز الخطوات المنهجية لكل منهج على حدة وملامحه الإجرائية؛ وحدّد المقولات النقدية التي تلتقي حولها أهم هذه المناهج في ارتباط وانسجام مع المفاهيم والمبادئ النظرية التي تمّ استنباطها. واشتمل هذا الباب على ستة فصول، خُصت الفصول الأربعة الأولى بدراسة المناهج الآتية: المناهج الوصفية في النقد المصطلحي المغربي، والمناهج الوصفية التاريخية فيه، والمنهج المقارن، والمناهج النقدية. وعقد الفصل الخامس للحديث عن أهم اتجاه فيه وهو منهج الدراسة المصطلحية، وإيضاح عناصره الفنية. أما الفصل الأخير فقد أُثبت فيه بعض المآخذ والملاحظات المنهجية التي سُجلت على هذه المناهج.

وما يميّز الكتاب – عموما – جدّة الموضوع، إذ حاول أن يقدّم قراءة نقدية لتجربة “النقد المصطلحي” وفق تصور جديد لم يُسبق إليه، وعمد إلى متابعة زوايا وجوانب عدة لم تحظ بالدرس بعد والتحليل.

كما أن منهجه العلمي يقوم على المساءلة والنقد، والاستقراء والتقصي، والدقة في التحليل، والموضوعية في الأحكام، عارضا لجزئيات الأمور، مع الإكثار من الشواهد، والتعقيب على كل فكرة ببيان أوجه القصور أو التميز فيها وتعليل ذلك كله، نزوعا إلى تأسيس الخلاصات والنتائج على أكبر قاعدة من المعطيات النصية.

ولا تزال خلفَ صفحات الكتاب أشياء تُقال؛ نرجو لكم قراءة مفيدة وممتعة…

 محمد برحو؛ وجدة– المملكة المغربية


قد يعجبك ايضا