ملتقى مراكش الدولي يحتفي بالمرأة، ويجمع بين كبار الفن التشكيلي في عرس عالمي

خاص من مراسلة \”الثقافة المغربية الأوربية\”من مراكش:الهام زخراف 

  •  كمحطة جديدة لها، جمعية إبداع المغرب والحضارات تحط رحالها بين أسوار الحمراء، رفقة كبار عالم الفن التشكيلي، ومع أرقى اللوحات الفنية التشكيلية، وذلك طوال أسبوع كامل تحتفي فيه باللون بين فضاءات عروس الجنوب، وتمجد من خلاله المرأة، الأم والزوجة ……. وتدعوا العالم عبره إلى الأمن والسلام.
  •  

موقع “الثقافة المغربية الأوربية” يتوغل في الحدث المقام فوق أديمها، ويستضيف مدير ملتقى مراكش الدولي للفنون والحضارات الدكتور أكرم اليوسف*:  

  • اخترتم اليوم الحمراء كمحطة يرسو بها الملتقى الدولي للفنون التشكيلية، كيف جاء اختياركم هذا؟لم تكن مصادفة اختيارنا مدينة مراكش لاحتضان فعاليات ملتقى مراكش الدولي للفنون التشكيلية، جاء انطلاقا من مسألتين، الأولى هي مفهومنا، في جمعية إبداع المغرب والحضارات، لقضية الملتقيات بأنها يجب أن تشمل ساحة الوطن كله، ولهذا نعمل على إستراتيجية الملتقيات اللامركزية، وبهذا كان قرارنا أن لا نخصص الملتقى من أجل مدينة واحدة، ففي كل فترة سننظم ملتقى جديدا، وذلك في إطار المفهوم المشروع الأكبر لنا وهو الملتقى الدولي للإبداع وحوار الحضارات، وهي المشروع الذي بدأته أولا بالرباط عام 2013 مع جمعية أخرى، فكان الملتقى الدولي للفنون وحوار الثقافات وشارك فيه أكثر من 120 فنان من المغرب وأنحاء العالم. ثم قمت والسيدة نادية لخليفي بتأسيس جمعية خاصة بالملتقى وهي جمعية إبداع المغرب والحضارات عام 2014 حيث نظمنا نسخة ثانية منه في الدار البيضاء في سبتمبر من نفس السنة ولقي نجاحا كبيرا. وها نحن اليوم ننظم نسخة أخرى منه بمدينة مراكش وسيكون بعدها في مدينة جديدة ولا مانع لدينا أن يكون أيضا في ابعد نقطة من المغرب.ثمة مسألة مهمة أيضا في مراكش تتعلق بالتعاون الكبير من قبل الكثير من الجهات الرسمية والخاصة ومن قبل الأشخاص أيضا من اجل احتضان هذا الملتقى ولهم جميعا نتوجه بالشكر والعرفان، واعتقد أن تعاونهم نابع من حرصهم على أن تكون مراكش في مقدمة مدن العالم، وليس المغرب فحسب. وبالمناسبة فان نجاح عدم مركزية الملتقيات لدينا لا تعني أننا لن ننظم هذا الملتقى مرة ثانية هنا. بالعكس سيبقى موجودا وستكون هناك نسخة أخرى، وأيضا سننظم دورة جديدة في مدينة أخرى. 
  • إن هدفنا في الجمعية هو التركيز على مشروع دولي كبير يحتضنه المغرب، وهو الحوار الإبداعي بين الحضارات.
  • أما بخصوص مراكش فهي مدينة جاذبة، وفيها كل إمكانيات نجاح الملتقيات الدولية. فهي عدا عن كونها مدينة لها سمعة عالمية رائعة، فإنها تتوفر على بينة تحتية مناسبة من فنادق ومسارح وفضاءات خلابة، وخاصة كونها محاطة بجبال الأطلس الجميلة.
  •  
  • ما الذي يميز دورة مراكش عن باقي دورات ملتقاكم هذا؟لقد عملنا أقصى الجهود لكي تكون هذه الدورة مميزة، ولا ندعي أننا نتفوق على غيرنا من الملتقيات، أبدا فهم في اغلبهم متميزون، ولديهم مشاريع رائعة، نحن نضيف لبنة جديدة في معمار الإبداع والحوار الإنساني. لكن ما نسعى إليه هو أن يكون الملتقى متنوعا رغم تخصصه التشكيلي، فدائما هناك برامج للغناء والكوريجراف وعروض الأزياء الخاصة بالثقافات والحضارات، يحضر المسرح والشعر أيضا، وتوقيع الكتب وغيرها ضمن الملتقى. والاهم هو أننا نستفيد من تواجد الفنانين من مختلف أنحاء العالم للإشراف على ورشات لفائدة الأطفال وتلاميذ المدارس والشباب والنساء ومن ذوي الاحتياجات الخاصة.  
  • وأيضا، المشارك في الملتقى يجب أن يكون لديه مشروع ثقافي وإنساني ينسجم مع مفاهيمنا في الجمعية وأهدافنا. نحن نصر على أن يكون الانجاز الإبداعي مفيدا عمليا.
  •  
  • ضيوف الملتقى أسماء بارزة ولامعة في سماء الفن التشكيلي، حدثنا عن هذه المشاركة القيمة؟ نعم تحضر معنا أسماء وازنة في عالم الفن التشكيلي من المغرب ومن البلاد العربية والأجنبية. لأن هذا الملتقى هدفه الارتقاء بالمنجز الإبداعي، والتلاقي من أجل التفكير بمشاريع أكبر وأشمل. تحضر معنا سفيرة الفن والسلام من قبل الاتحاد الأوروبي التشكيلية العراقية فاطمة العبيدي، والفنان الفرنسي DILSHAD QUISTINI وهو من أصول عراقية كردية، وكذلك الفنان الايطالي المتميز COORRADO LA MATTINA، كما يشارك الفنان الكندي – المصري الأصل المعروف وجيه يس والفنانة والإعلامية والشاعرة المصرية رانيا خلاف مساعد رئيس تحرير مجلة الأهرام ويكيلي العربية والانكليزية. وهي أيضا ممثلة لهذه المؤسسة الإعلامية العريقة في العالم العربي وسوف توقع ديوانها الجديد ” خرائط اللذة”. كذلك معنا الفنان الجزائري المبدع مراد عبداللاوي، والتونسية المتألقة في فن البيرفورمانس فاطمة الزهراء حاجي واليمينة أسرار عبده سليمان، والسورية خلود السباعي صاحبة الاسم الكبير في عالم التشكيل.  
  • كما يشارك أيضا من المغرب فنانون متميزون منهم عبد الإله شهيدي، ، وسميرة أيت المعلم ونعيمة ورد الدين ونزهة سرحان وإبراهيم حمامي وعثمان اوداي، والسوري – البريطاني حسن عبدالله، ومن ليبيا الفنانة المعروفة سعاد خليل. ومن الجزائر محمد سعيد قزويت والطواهري محمد أمين، وكثيرون لا يسعني ذكر أسمائهم جميعا.
  •  
  • بالإضافة إلى الملتقى، سينظم معرض دولي للفنون التشكيلية تحت شعار “تكوينات اللون، تداعيات الحركة”، كيف ستحتفون بالحركة بين مطاوي اللون؟عملنا إلى جانب الملتقى أن نستقطب أكبر عدد من الفنانين المغاربة في معرض عام هدفه فتح مجال التلاقي بينهم وبين الفنانين الضيوف القادمين من حضارات وثقافات مختلفة. لا يستطيع الكثيرون من التشكيليين المغاربة التواجد في الملتقى لارتباطاتهم الأخرى، لذلك فان أعمالهم خير ممثل لهم. بهذا الشكل نستطيع أن نقدم للضيوف موجزا عن التشكيل المغربي. كما طلبنا من الضيوف المشاركة بالمعرض أيضا لكي يستطيع المشاهد المغربي اخذ فكرة عن مدى التطور التشكيلي سواء في المغرب أو في الخارج من خلال المقارنة بين الأعمال. أما تداعيات الحركة فهي تعني ارتداد هذا التكوين كما في نظرية الفعل ورد الفعل، أو الهزة الأرضية وارتداداتها التي غالبا ما تكون أقوى. إن تداعيات الحركة مفهوم يرتبط بالمتلقي وكيف يستقبل تلك التكوينات اللونية ذات الطابع الأنثربولوجي. فاللون يمتلك قوة تعكس ثقافة الفنان وقدرته وتكوينه وغير ذلك، وكيف يتفاعل معها. وهذه الفلسفة هي احتفال حقيقي باللون كمفهوم ثقافي.
  •  
  • تكوينا اللون شعار هدفه اللعب على وتر درامي، لان التكوين يمتلك صفة الحركية، والبناء. وهذا البناء لا يكتمل بدون هندسة معمارية تعتمد على الثقافة اللونية لكل ثقافة أو حضارة، وكذلك معمارية الرمز سواء كان ايقونيا أم تأشيريا، أم تجريديا. فالتوظيف اللوني في إفريقيا يختلف عنه في آسيا أو أوروبا أو أمريكا اللاتينية . والصحراء تختلف عن الجبل لونيا ومعماريا وكذا المناطق البحرية.
  •  
  • هل من نصيب في معرضكم للأسماء الجديدة في عالم الفن التشكيلي؟بالتأكيد حرصنا على دعوة أجيال مختلفة للمشاركة سواء في الملتقى مع الضيوف، أو في المعرض العام. لإعطاء الفرصة لهم كي يختبروا إمكانياتهم، ويعرفوا إلى أي مستوى وصلوا إليه، وكذلك للتحاور الإبداعي والارتقاء بالمنجز الفني. 
  • كما دعونا فنانين من أجيال سابقة لأننا نسعى دوما للربط بين الأجيال في تجاربها الإبداعية. إن نظرة إلى أسماء المشاركين تبين لكم هذه الحقيقة بعيدا عن الأسماء المكرسة والتي نحترمها جميعا.
  •  
  • اليوم وفي غمرة عرسكم هذا تحتفون بالمرأة أسطورة التحولات، كيف تبرمجون ذلك ضمن أيام ملتقاكم؟لطالما كانت، المرأة، الأم وما تزال فضاء للتلاقي واحتضان الأبناء. الأم هي الأرض، العطاء، الخصب، العاطفة الجياشة ومنبع الحب والحنان. هذا الكائن الكوني هو منبع الخيال أيضا وليس أكثر من الفنان قدرة على التخيل والاستلهام. احتفاؤنا بالمرأة ليس احتفالا دبلوماسيا أو اجتماعيا تقليديا. جاء الملتقى متزامنا مع اليوم العالمي للمرأة ، ومع تحولات الأرض ذاتها نحو الربيع. المرأة هي بحد ذاتها احتفال، وحين يتناول الفنان موضوع المرأة فسوف تكون أعماله أكثر كونية وقوة . 
  • المرأة بالنسبة للفنان أكثر من عيد بل منبع للإلهام. هي بحد ذاتها أسطورة، ولغز يحاول المبدعون منذ الأزل فك شيفراته. لغز لذلك يجب أن يذهب الفنان إلى عالم المرأة بكل أناقة، وحب ، وصدق. ولأن المرأة هي الكائن الإنساني الذي يستطيع أن يعزف على الأوتار الحقيقية بداخل الحياة ذاتها، اخترنا لملتقانا هذا الشعار:: المرأة أسطورة التحولات”
  •  
  • نعلم أنكم ذوو تجارب طويلة في ميدان الفن، وخاصة فوق خشبة المسرح، اليوم أكرم اليوسف السوري الجنسية، ماذا يعني له التواجد داخل لوحات وأسوار الحمراء؟عالم المسرح هو عالم تشكيلي بامتياز، فالمسرح هو الفن الذي يضم بداخله كل الفن. انه أيضا أم، ففي أحضانها يجتمع التشكيل مع التعبير الحركي مع الإضاءة مع اللون مع الكلمة، ومن قال أنه ليس للكلمة لون، من قال انه ليس لها طعم وصورة، من هنا تتكامل الفنون، ومن هنا أيضا خصصنا أمسية لبعض الشاعرات المغربيات والعربيات تسيرها الشاعرة المغربية المعروفة رشيدة فقري، كما سوف يقوم بعض الفنانين والفنانات بالرسم مباشرة خلال الأمسية، لكي نرى بأعيننا لون الكلمة.وجودي في الحمراء ليس عابرا، انه نتاج لوجودي في المغرب بلد الإبداع والتنوع الخلاق. درست الدكتوراه في المغرب وأحسست أنني انتمي وجدانيا لهذا الوطن الثاني لي. الحمراء مدينة آسرة. جاذبة تمتلك مغناطيسة كبيرة لجميع الثقافات ولاشك أن الفنان هو الأكثر انجذابا إليها، لأنها خزان الهام.
  •  
  • شخصيا أنا متخصص بالسينوجرافيا، ولدي كتاب بهذا الخصوص، أفردت له فصولا عديدة حول اللون وقوته وكثافته وتأثيراته الدرامية.
  •  
  • كيف تقرؤون واقع الفن التشكيلي بالمغرب مقارنة مع بلدان أخرى؟ التشكيل المغربي متنوع، وهناك تفاوت بين مستوى الفنانين والفنانات حسب التجربة والتكوين الدراسي. لكن ما ألاحظه هو توجه كبير نحو الفنون التشكيلية وتنظيم الملتقيات، هذه الحركية الفنية والتنظيمية ستؤسس دون شك لأجيال جديدة ليس من الفنانين فحسب بل من المتلقين الذين يتذوقون الفن التشكيلي، وهذا ما سيولد حركة في سوق اللوحة ذاتها. أما عن واقع الفن التشكيلي المغربي يحتاج إلى قراءات معمقة، لكن آفاقه مبشرة، وهناك حاجة ماسة لوجود صالات عرض كثيرة لتواكب هذا التوجه الواضح نحو الفن التشكيلي بالمغرب.
  •  
  •  
  •  
  • هل من تظاهرات أخرى تسهرون عليها ستكون من نصيب الحمراء؟هناك سمبوزيوم جديد الشهر القادم في الدار البيضاء، وفي خريف هذا العام سيكون بمدينة وجدة، كما نشتغل على أول بينالي للفن التشكيلي، وهو بينالي مراكش الدولي وسنعلن عنه في نهاية هذا الملتقى.
  •  
  •  
  • كلمة أخيرة لقراء موقع “الثقافة المغربية الأوربية”؟أتوجه بالشكر الجزيل لموقع “الثقافة المغربية الأوروبية”، وعلى تخصيصها فسحة بين أسطرها، وأشكر كل القائمين عليها، وأتمنى لقرائها قراءة ممتعة، مع المزيد من التألق.
  •  

*أستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، أستاذ زائر في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، مؤلف له عدة كتب متخصصة في الفنون وبعضها يدرس في المناهج الجامعية، عمل مديرا لمسرح الشباب، ورئيسا للقسم الثقافي بجريدة الشرق في دولة قطر لسنوات طويلة، ثم في قناة الجزيرة للأطفال بالدوحة وفي مكتب الرباط بالمملكة، يعمله الآن رئيسا للملتقى الدولي للفنون وحوار الحضارات، البحث الأكاديمي في الانثربولوجيا الثقافية وخاصة حول الثقافات بالمغرب، وعلى الوجه الأخص الأمازيغية، وسينشر كتابا قريبا بهذا الموضوع.

 


قد يعجبك ايضا