إشكاليات الدوريات والملاحق الثقافية العربية

الحاجة لوضع رؤية تحقق للثقافة الإنتشار وتجعل منها سلعة رائجة لها جمهورها المتلقي لها والمدافع عنها.

دور تلعبه صحافة المهجر في إثراء الثقافة العربية عبر صفحات ثقافية متخصصة وثرية ولافتة تغيرات متجددة على المشهد الإعلامي بوجه عام.

باعتقادي أن الدوريات الثقافية العربية، وحتي تلك الملاحق والصفحات الثقافية بصحافتنا اليومية والأسبوعية، لم تكن أزماتها – يوما – قاصرة علي تلك التداعيات التي فرضتها جائحة كورونا على العالم أجمع طوال عام مضي، بل إن الأمر دائم ومتكرر، وأن الصحافة الثقافية بوجه عام، كانت دوما هي من يدفع ثمن أي تراجع اقتصادي، أو تغير اجتماعي يفرض ملفات بعينها لتحتل الصفحات والملفات في صحافتنا العربية.
والسؤال المؤلم دائما هو: لماذا على الأقسام والصفحات الثقافية فقط، تحمل تبعات أية قرارات تصدر بشأن تقليص النفقات وخفض أعداد الصفحات؟
هل لأن الثقافة لا جمهور لها في عالمنا العربي؟ أم أن الأمر يعود إلى دور الثقافة والمثقفين في تغيير ثقافة المجتمعات، ومن ثم السياسات، أم هل بات على المثقفين أن يكون لهم “لوبي” يمارس الضغط على المؤسسات، ويحمي الثقافة والمثقفين من تبعات قرارات نراها تطبق على القطاعات الثقافية فقط بمؤسساتنا الصحفية، أم أن الأمر يتجاوز ذلك إلى الحاجة لوضع رؤية تحقق للثقافة الإنتشار وتجعل منها سلعة رائجة لها جمهورها المتلقي لها والمدافع عنها، في ظل ما يطرأ من تغيرات متجددة على المشهد الإعلامي بوجه عام.
ويأتي الحديث هنا عن دور المثقفين والكتاب في دعم الدوريات والملاحق والصفحات الثقافية، وعن طرح آلية تجعل لهم حضور وتأثير فاعل فيما يصدر من قرارات مصيرية بشأن مستقبل الصحافة الثقافية العربية.
وأعتقد أن بعض المؤسسات باتت تبحث عن الحلول الأسهل في معالجة أزماتها، وهي أزمات نؤمن جميعا بوجودها، ونتطلع إلي إيجاد دور للحكومات، وتفعيل حقيقي للدور الثقافي لرأس المال العربي، في دعم الدور الثقافي للصحافة العربية، لكن يبقي الأمل في تتوقف المؤسسات الصحفية عن الحل الأسهل بالنسبة لبعض مسئوليها، وهو تقليص المساحات المخصصة للثقافة، والنظر بعين الإعتبار لمخاطر غياب الثقافة عن صحافتنا العربية.

شعاع من نور
لكن ومع تلك الإشكاليات، يظل الأمل باقيا في غد أفضل لصحافتنا الثقافية العربية، في ظل وجود دول وحكومات ومؤسسات، وجهود فردية ومبادرات تعمل على تعظيم الدور الثقافي لرأس المال العربي، ويظل علينا شعاع من نور، يزيل ما قد يبدو لنا من ظلمة، حيث احتفت الأوساط الثقافية العربية هذا الأسبوع، بعودة صدور مجلة “الخفجي” الثقافية، الصادرة عن عمليات الخفجي المشتركة لشركتي ارامكو لأعمال الخليج، والكويتية لنفط الخليج.
وقبل عودة مجلة “الخفجي” للصدور، كان هناك عودة لمجلة “العربي”، ولمجلات الثقافة والفنون الأردنية والسورية، وعودة مجلة “البحرين الثقافية”، واستمرار عطاء الصحافة الثقافية العمانية، والمصرية، مع استمرار تألق ملاحق الثقافة بالصحافة السعودية، وتألق الملحق الثقافي الجديد لجريدة “القبس” الكويتية، بجانب استمرار التألق المتواصل للمطبوعات الثقافية الإماراتية، في أبوظبي والشارقة والفجيرة وغيرها.
ومن هنا وبرغم الجائحة وما فرضته ما تداعيات أضرت بالصحافة الثقافية العربية، فأن الأمل باقٍ في تمتع صحافتنا الثقافية العربية بنهضة واسعة تمكنها من القيام بدورها تجاه الثقافة العربية وجماهيرها. وهنا لا بد لنا وأن نشير إلى ذلك الدور الذي تلعبه صحافة المهجر في إثراء الثقافة العربية، عبر صفحات ثقافية متخصصة، وثرية ولافتة، ولعل جريدة “العرب” اللندنية، هي أحد أهم المنابر الصحفية العربية التي مساحات يومية واسعة للثقافة والفنون والفكر والتراث، لتتكامل في ذلك مع ذلك الدور الرائد الذي يلعبه موقع “ميدل إيست اونلاين”، والذي أصبح قبلة الكتاب والمثقفين العرب في الداخل والخارج، إلي جانب صحيفة الشرق الأوسط، وملاحقها وصفحاتها المتخصصة، والتي تمثل رافدا أساسيا من رواد الثقافة الصحافية العربية.

meo.news


قد يعجبك ايضا