أيها الحضور الكريم،
ببالغ الفرح و السعادة أرحب بكم في هذا الحفل الافتتاحي للدورة التاسعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح. و هي دورة تزدان رفعة و حظوة بفضل الرعاية المولوية السامية التي تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، راعي الفن و الفنانين، بإضفائها على هذه التظاهرة الكبرى. و نحن مدركون لرمزية هذه الثقة المولوية السامية، و واعون بمرامي الاهتمام الملكي الشريف.
و يحدونا العزم الأكيد و التصميم الوثيق، سواء في وزارة الثقافة و الاتصال أو لدى شركائنا و المتعاونين في تنظيم هذا المهرجان، على مواصلة الجهود و التفاني في تطوير هذه التظاهرة و توفير أسباب استمرارها و إغناء و تحسين مضامينها و إشعاعها.
و من دواعي فرحنا أن نلتقي في مدينة الحمامة البيضاء مدينة الجمال و البهاء، حاضرة الفنانين و العلماء و الأدباء. و أن نلتقي بساكنتها و بجمهورها المشهود له بالرصانة و السماحة و الإقبال الشغوف على مختلف مناحي الثقافة و الإبداع .
و يـتعـزز هذا الفرح على إثر تصنيف مدينة تطوان ضمن شبكة المدن المبدعة التابعة لمنظمة اليونسكو. و بهذا التصنيف الأممي الجديد تكون تطوان أول مدينة مغربية و ثالث مدينة عربية تحظى بشرف الانضمام إلى شبكة المدن المبدعة، و ذلك فضلا عن تصنيفها كمدينة عتيقة منذ سنة 1997.
كما نـثـمـن عـالـيا انفتاح فعاليات المهرجان على باقي مدن الإقليم البهية و الواعدة بموصول النماء و الازدهار: مرتيل و المضيق و الفنيدق.
و حقيق بنا أن نتوجه بالشكر العميم إلى السيد والي جهة طنجة- تطوان- الحسيمة الذي كان له الفضل الكبير في توطين المهرجان بهذه الجهة الأثيرة.كما نتوجه بخالص العرفان إلى السيد عامل إقليم تطوان و المصالح التابعة له لقاء ما أبدوه من اهتمام مقدر و ما بذلوه من جهد معتبر في إنجاح تنظيم هذه التظاهرة، و أيضا لقاء استعدادهم للانخراط في مجمل المبادرات و المشاريع الهادفة إلى خدمة الشأن الثقافي في هذا الإقليم الجميل.
كما نعرب عن عرفاننا و امتناننا إلى كل الشركاء الذين أسهموا في تنظيم المهرجان و في طليعتهم المجلس الإقليمي لتطوان و وكالة إنعاش و تنمية الشمال و باقي المجالس الجماعية بالإقليم.
أيها الحضور الكريم،
إن المسرح ليس فقط متنفسا للفرجة و الترفيه أو مجرد ترف للترويح عن النفس، و إنما هو إلى جانب ذلك كله، أداة فعالة لبناء الشخصية المتزنة القويمة، و وسيلة فعالة للتثقيف و التهذيب الاجتماعي. و هو فضلا عن ذلك يتوجه إلى عقل و وجدان الإنسان باعتباره مركز كل استراتيجية تنموية.
و إدراكا لهذه الأهمية، فإن رعاية المسرح و المسرحيين من المرامي التي تتصدر اهتمام وزارة الثقافة و الاتصال. حيث تعمل هذه الأخيرة على تسخير كل ما في متناولها من إمكانات و تدابير و مشاريع لتهييء شروط فضلى للممارسة المسرحية. و من تم توجه تدخلاتها إلى مجمل المناحي ذات الأولوية بالنسبة للشأن المسرحي، و خاصة التكوين و البنيات التحتية و دعم الإبداع المسرحي و تنظيم و دعم التظاهرات المسرحية و رعاية الوضع الاعتباري و الاجتماعي للفنانين.
ففي مجال التكوين، تعمل الوزارة على إصلاح نظام الدراسة بالمعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي، و مده بدعم مادي و لوجستي، حتى يستمر كمؤسسة أكاديمية عليا تساهم في تطعيم الساحة المسرحية بكفاءات شابة متخصصة و ذات تحصيل عالي في مختلف الفنون و التقنيات المسرحية.
و بخصوص البنيات التحتية الثقافية، تواصل الوزارة إحداث مجموعة من المسارح و المراكز الثقافية. و هي منشآت تشمل قاعات للعروض الفنية و مرافق للقراءة و الورشات و التداريب و المعارض و غيرها. و تعطى الأولوية للمراكز البعيدة و المناطق الشبه قروية، و ذلك حرصا من الوزارة على تفعيل ثقافة القرب و تعميم الشأن الثقافي فرجة و ممارسة.
و فيما يهم الدعم، فإن الوزارة منكبة على تقييم و تطوير منظومة الدعم الثقافي و خاصة الدعم المسرحي لجعله أكثر ملاءمة مع المشهد المسرحي الوطني و أوفر استجابة لانتظارات المسرحيين المغاربة، و ذلك استنادا إلى قراءة واقعية و موضوعية لواقع الحال و لآفاق الممارسة المسرحية بالمغرب.
و ستتم هذه المراجعة لآليات الدعم المسرحي في إطار مقاربة تشاركية تدمج ممثلي الحقل المسرحي المغربي.
و في مجال التنشيط المسرحي، تعمل الوزارة على ترويج الأعمال المسرحية الوطنية، و تيسير التلاقي بين الإنتاجات المسرحية و الجمهور المغربي، و ذلك عبر تنظيم و دعم مجموعة من المهرجانات و التظاهرات المسرحية، و أهمها:
- المهرجان الوطني للمسرح،
- المهرجان الدولي لمسرح الطفل،
- اليوم الوطني للمسرح،
- اليوم العالمي للمسرح.
أما في الجوانب التنظيمية و الاجتماعية، تعمل الوزارة على تفعيل قانون الفنان و المهن الفنية و استصدار النصوص التطبيقية لهذا القانون، و ذلك بدءا من:
- نظام بطاقة الفنان (و الذي صدر بالجريدة الرسمية بتاريخ 13 نونبر 2017 )
- العقد النموذجي،
- التفاوض الجماعي…
- و غيرها من الآليات الجديرة بتيـسـيـر و تحسين الممارسة الفنية ببلادنا.
كما رفعت الوزارة مبلغ الدعم السنوي لفائدة التعاضدية الوطنية للفنانين من مليونين إلى ثلاثة ملايين درهم من قطاع الثقافة (وذلك فضلا عن دعم قطاع الاتصال بمبلغ 1,5 مليون درهم ).
و تكريسا لثقافة الاعتراف، تواصل الوزارة تكريم المثقفين و الفنانين في مختلف المناسبات و التظاهرات. و يسعدنا في هذا الحفل البهيج أن نكرم فنانين و فاعلين مرموقين و ننوه بعطاءاتهما الوافرة و المشهودة طوال عقود من الممارسة و خدمة المسرح المغربي، إنهما:
– الفنانة القديرة ثريا جبران
– الفنان المبدع الكبير عبد الكريم برشيد
و تكريمهما هو تكريم للفن المغربي و للفنانين المغاربة الذين يصنعون الفرجة و المتعة و التثقيف، يهذبون وجداننا و أذواقنا. فـهـنـيـئا للمكرمين، و شكرا لكل نساء و رجال الفن ببلادنا.
أيها الحضور الكريم،
إن كل تحقق للمسرح و المسرحيين لا يزيدنا إلا إصرارا على مواصلة الجهود و تدبر أدوات و وسائل و إمكانات جديدة نضعها في خدمة نساء و رجال المسرح. إذ أننا مدركون أن الطريق ما يزال طويلا، و أن المسرح و المسرحيين يستحقون المزيد من المكتسبات و الإنجازات.
و هنا نوجه الدعوة إلى الفنانين أنفسهم لينخرطوا في هذا الأفق و ألا يدخروا جهدا في تطوير و تحسين آليات اشتغالهم. و سيجدون في وزارة الثقافة و الاتصال الاستعداد الكامل لمواكبتهم و تدارس مقترحاتهم.
و الله ولي التوفيق
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

